نقيب الأطباء الأردني الأسبق يحذر من انهيار وشيك للنظام الصحي الحكومي

بعد فاجعة مستشفى السلط الاردني، نقابة الأطباء تُحذر من كارثة أخرى شبيهة جراء كورونا

حذر نقيب الأطباء الأسبق د. أحمد العرموطي من انهيار النظام الصحي الحكومي، إذا ما استمرت الاوضاع على ما هي عليه الآن.

وقال خلال مشاركته في فقرة "أصل الحكاية" ببرنامج "دنيا يا دنيا" على قناة رؤيا إن ما حدث في مستشفى السلط أمس السبت فاجعة كبيرة، وليست حدثًا عاديًا، فهو على مدى عمره المهني الطويل، لم يسمع يومًا عن انقطاع الأوكسجين عن أي مستشفى، مؤكدًا أن ما حدث هو إهمال كبير، وأنه ليس حدثًا عارضًا، بل هو عميق الجذور، يتعلق بما تشكل لديه من انطباعات من أن الوضع في القطاع الطبي الحكومي سيء، صحيح أنه كان سيئًا في السابق، لكن جاءت كورونا وكشفت العيوب التي كانت مختبئة.

وأضاف أن وزارة الصحة تحتاج ثورة إدارية وعلمية وفنية، لإعادة هيكلتها، لتتمكن من العمل كما يجب. مبينًا إن وضع الوزارة المتردي كان معروفًا لأطباء الوزارة منذ عام 2011، حينما أضربوا لمدة 62 يومًا، مطالبين بتحسين أوضاعهم، لكن لا حياة لمن تنادي، والنتيجة أن الكوادر الطبية تترك وزارة الصحة، وتنتقل للعمل في القطاع الخاص، أو خارج الأردن، لأن الرواتب منخفضة، وبيئة العمل طاردة.

وتابع بأنه لا يوجد في الوزارة إلا اختصاصي تخدير واحد متخصص لأجهزة التنفس، ولا يوجد لبعض التخصصات أي واحد، وهذا مأساة، ووزير الصحة هو من يتحمل مسؤولية هذا النقص.

لكن الأخطر، كما يقول العرموطي، أن أي راتب اختصاصي في وزارة الصحة بعد أن يدرس ويتدرب لمدة 15 عامًا، لا يتجاوز 1500 دينارًا، وحينما يترك هذا الاختصاصي العمل في وزارة الصحة، وينتقل للعمل في القطاع الطبي الخاص، تأتي وزارة الصحة وتتعاقد معه وفق نظام "عقود شراء الخدمات"، للعمل في مستشفياتها وعياداتها على نظام "الدوام الجزئي"، مقابل دخل يبلغ ثلاثة أضعاف أو ضعفي راتبه الذي كان يتقاضاه قبل الاستقالة، ما يشجع الاختصاصيين لمغادرة وزارة الصحة والعمل في القطاع الخاص.

وتساءل العرموطي: هل تريد الدولة خصخصة وزارة الصحة؟

ويجيب بأن وزير الصحة الأسبق د. زهير ملحس في نهاية تسعينات القرن الماضي طرح فكرة غريبة حينذاك، تتمثل في وقف إعطاء مستشفيات وزارة الصحة أي مخصصات من موازنة الحكومة، وتفويض مدراء المستشفيات الحكومية لعلاج المرضى مقابل بدل مالي، ومما تحققه المستشفيات من واردات من وراء علاج المرضى تدفعه رواتب العاملين فيها وتشتري المعدات، وتنفق على التطوير والتوسع وخلافه.

لكن نقابة الأطباء تصدت حينذاك لهذا التوجه، فلم تتبناه الحكومة، لكن ما جرى بعد ذلك، وحتى قبل ذلك، يؤكد وجود توجه لإضعاف وزارة الصحة، فـ مستشفى عمان الكبير على سبيل المثال، الذي بنته وزارة الصحة، تخلت عنه لصالح الجامعة الأردنية، وأصبح اسمه مستشفى الجامعة، ومستشفى الملكة علياء، الذي أخذته الخدمات الطبية الملكية، ومستشفى حمزة، الذي بُني ليكون رديفًا لمستشفى البشير، أصبح اليوم بنظام خاص، لا هو تابع لوزارة الصحة، ولا هو تابع للجامعة الهاشمية، وهذا يؤكد أن آخر ما يهم الحكومات هو وزارة الصحة.

الأنكى من كل ذلك أن مجموعة تطوعية طورت قسم السرطان في مستشفى البشير عبر التبرعات، بطاقة استيعابية 60 سريرًا، لكن كما علم مؤخرًا أن هذا القسم حتى اللحظة لم يعمل، ما يؤكد وجود إهمال واضح لكل ما يمت لوزارة الصحة بصلة.

من جانبه أكد اختصاصي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة وأمراض النوم د. محمد حسن الطراونة أن ما جرى في مستشفى السلط إهمال واضح، فـ المستشفيات تتزود بالأوكسجين من خزان رئيسي، وينبغي وجود خزان احتياطي، لأي طاريء، وهذان الخزانات يتزودون بالأوكسجين من شركة متخصصة، فلم حدث ما حدث؟

وأشار إلى أنه يوجد في أي مستشفى كبير حول العالم مولد خاص لتوليد الاوكسجين الطبي، لتزويد المستشفى بالأوكسجين في حالة النقص، فلم لا يوجد في مستشفياتنا مثل هذا المولد؟

لكن الأبرز أنه ينبغي وجود خطة طواريء وإخلاء لدى أي مستشفى، لإسعاف المرضى منه إلى أقرب مستشفى، في حال وجود خطر يهدد حياتهم، فأين هذه الخطة في مستشفى السلط؟

وقال إنه ينبغي وجود في كل قسم عناية حثيثة لعلاج مصابي كورونا على مدار الساعة اختصاصي أمراض صدرية، واختصاصي تخدير، وفني أجهزة تنفس، وفني تخدير، لكن هؤلاء غير موجودين في مستشفيات وزارة الصحة.

وطالب الطراونة الحكومة بأن تعين الآن كل الأطباء في مخزون ديوان الخدمة المدنية، فليس من المعقول أن تكون كل دول العالم تعاني نقصًا في الأطباء، ونحن نعاني البطالة في أوساطهم.

الاردن اصل الحكاية القطاع الصحي في الاردن نقابة الأطباء

أيضاً في هذه الحزمة