web statisticsvisitor activity monitor
X
رواية "المهطوان" تجسّد وحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين

رواية "المهطوان" تجسّد وحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين

دنيا المجتمع

رواية "المهطوان" تجسّد وحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين، التي يمثلها بطلا الرواية عودة وسلمى، موضحاً أنها تتضمن تقنيات متعددة في السرد، مثل صوت القرين والقدرة على الاسترجاع وتوظيف التراث الشعبي الأردني، وطقوس تراثية استطاع العمل إحياءها، كما عكست مخاضات فكرية وسياسية عاشها الأردن في ثمانينيات القرن الماضي.
وتتميز بالاقتصاد اللغوي وشاعرية اللغة، وتوظيفها تقنيات السرد الحديثة، وتخليقها لشخصيات تمزج بين الواقع والفانتازيا ضمن فضاءات أسطورية، واحتوت على ثلاثة عشر نصاً شعرياً للكاتب بالإضافة إلى احتوائها مقاطع شعرية لكتّاب آخرين، كما أنها تمثل رواية البطل الفرد ما يفرض المونولوغ الداخلي على السرد، ويمكن تسميتها بالمونودراما الروائية التي تأخذ القارئ إلى عالم أكثر عمقاً وعدالة.


إقرأ أيضاً: الكتاب الملعون… رواية لا تقرأها مُنفرداً



ترتبط أحداث العمل بمشاهد مستلّة من سيرة الكاتب نفسه، أو تتقاطع في كثير من محطّاتها مع سيَر رفاقه الذين تقاسم معهم الأحلام الكبرى والنضالات والكثير من الانكسارات كذلك، كما فعل في روايته السابقة "جنوبيّ" (2019)، حيث نمرّ على قرية راكين في الكرك، وحيّ الكركية في صويلح، والجامعة الأردنية، وصولاً إلى سينما الخيام، وشارع الطلياني في وسط البلد، وسجن الجفر، وغيرها.
ورغم الاقتباسات المستمدّة من الواقع وذكْر شخصيات بأسمائها الحقيقية أو بأخرى مستعارة لكنها تدلّ عليها، إلا أن الرواشدة لم يبتغِ توثيقاً متطابقاً مع تلك الوقائع وأبطالها، بل ذهب بعيداً في حفره النفسي والمعرفي في السياقات الاجتماعية والثقافية التي أنتجت مرحلة بأكملها، في مراجعة معمّقة لتداعياتها التي لا تزال حاضرة حتى اليوم كجروح أو آثار غائرة لدى من عاشوها.


ويختار “المهطوان” عنواناً لروايته، وهو اسم حركي لبطلها أطلق عليه في حزبه الذي ينادي بالحرية والديمقراطية للإشارة إلى طوله الفارع وضخامة جثّته، في استلهام لشخصية حملت اسم “مطوان حيفا” انتساباً للمدينة الفلسطينية على ساحل المتوسّط، لكن الجنود الأردنيون الذين خدموا في فلسطين أضافوا إليه الهاء.
الذاكرة الجامعة للأردنيين والفلسطينيين والوشائج التي تجمعهم في التضحيات والدم والشهداء، تشكّل “ثيمة” حاضرة في نصوص رمضان الرواشدة، مثلما استعادها في روايته “النهر لن يفصلني عنك” (2005)، حيث تنسج حقائق التاريخ وتضاريس الجغرافيا وحدةَ الضفتين، وهي لا تغيب عن عمله الجديد حين تقول بطلته سلمى؛ الفلسطينية المسيحية؛ إن أجدادها جاءوا إلى رام الله من قرية الحدادة في الشوبك.
تتداخل مناخات “فانتازيا” بمساحات الواقع على نحو مدروس وموظّف بعناية في الرواية، في أسلوب ميّز أعمالاً سابقة لصاحبها، استطاع عبرها إضفاء دهشة استثنائية على سرده، من خلال ابتكاره لشخصية الشيخ المغربي المعمّر منذ ألف وأربعمئة سنة، الذي أخرج أفعى طولها 3 أمتار من بطن عودة؛ بطل الرواية، وقتلها لأنها جنيّة سكنت جسده.


إقرأ أيضاً: "الريح العقيم" رواية جديدة لـ"محمد زلوم" - فيديو


من جهة أخرى، يحتشد النص المكتوب في 100 صفحة تقريباً بتأملات رمضان الرواشدة في مسائل وجودية وأخرى سياسية وثقافية، ويفكّك من خلالها العديد من المسلمات التي سادت في الحقبة التي يتناولها، في انزياحات ساخرة وتهكّمية أحياناً، أو تبعث على الرثاء والشفقة والحزن في أحيان أخرى، وهو ينتقد الرؤى المثالية الحالمة التي كانت مهيمنة على بطله في لحظات حرجة من حياته، لكنه يستسلم إليها حين يمسّه حنين إلى ذكريات لا تزال عالقة في البال.

ويقارب العمل أيضاً تلك العلاقة المعقدة مع المكان، فالبطل متعلّق قلبه بقريته راكين التي استعصت قبل 100 عام على الغزاة، وخبّأت حنطتها وغِلالها، وأبَت أن تُنكّس لهم الرايات، وتبدو عمّان في المقابل جميلة وبهيّة، لكنها أخذت منه الكثير وهدّه التعب، وهو إذ يفرح بدخولها ويمضي في طرقاتها التي لا يعرفها، وكأن الجمال والبهاء يتأتى من جموحه لمعرفةٍ ما يجهله في المدينة، ومن هنا ينبعث قلقٌ لا مفرّ منه.
لا يقين يحتمي به البطل ورفاقه في مواجهة أسئلة بدت أكبر من قدرتهم على الاحتمال والتكيّف مع المتغيرات الدراماتيكية في حيواتهم، ولم يعد مهمّاً بالنسبة إليهم إعادة قراءتها سياسياً كما سعوا مرات ومرات، وبات الاستشفاء منها يتطلّب الكتابة عنها في رواية أبدع سردها الرواشدة، ليصنع خاتمة تعبّر عن صراع داخلي مركّب لا يفضي إلى إجابة محدّدة، حينما يستذكر سنوات عودة ويقول: “إنها ضدّ الموت، ربما لأنها خلاصة الحياة.. ربما هي، ولحظات أخرى، تعيش في ذاكرتي سأحملها معي في موتي، ربما تمنحني العزاء بأنني لم أهدر عمري كلّه، في بالوعة الخوف والعادية والقيود. وأشهد بأني عشتُ حقاً”.

أيضاً في هذه الحزمة


الأكثر شيوعاً

في سبيل مكافحة الملاريا: عقار مُبشر يأمل في إنقاذ حياة الأطفال الرضع المصابين
صحة

في سبيل مكافحة الملاريا: عقار مُبشر يأمل في إنقاذ حياة الأطفال الرضع المصابين

أحدث الأخبار

قد يعجبك أيضاً

البث المباشر

تحديثات الطقس