يعيش بعض الأطفال حالة من الميلودراما (العاطفية المفرطة) أسلوبا للحياة تجر الأمهات والأباء إلى الإنخراط في هذه المشاعر المبالغ بها أو التصرف تجاهها بأسلوب قد يكون سلبياً، أما الكثيرين فيحتاروا في كيفية التعامل مع هذا السلوك، وهو نكد الطفل ومعالجة سلوكه قبل أن يتطور
يعرف الاستشاريون التربويون الطفل النكد بذلك الذي يبالغ في التعبير عن مشاعره، وتكون ردود أفعاله العاطفية الغير متناسبة مع الموقف، بتضخيم رد الفعل سواء في حالة الحزن أو الفرح بشكل لا يتناسب أبدا مع الفعل. وهي حالة نفسية محبطة يدخل فيها الإنسان بسبب أخطاء في التفكير أو أي عوامل نفسية أو جسدية أخرى، لدى الكبار والأطفال على السواء، وإذا لم تعالج هذه الحالة ستصبح جزءا أصيلا من الشخصية
السبب الرئيس لدى الطفل في خلق "الميلودراما" بشكل كبير ومكثف هو الوقوع في فخ ما يسمى بأخطاء التفكير، وينتج عنه عدد من المشاكل السلوكية، وإحدى تلك المشاكل تكون ما يسمى بالشخصية النكدة.
بمعنى أن الطفل ليس لديه المعلومات الكافية عن الموضوع المثار.
ربما يكون ذلك بسبب ضعف الثقة في النفس، فذلك يجعله يتخيل باستمرار أنه سيفشل أو غير قادر على إنجاز شيء بمفرده.
يقع الطفل في شرك قراءة الأفكار المتعلقة به بطريقة سلبية، لأنه يتوقع دائما الآراء السلبية من الآخرين والنظرة المتشككة فيها.
المقارنة بالآخرين
دائما ما يقارن الطفل النكد نفسه بالأطفال الآخرين، ويركز على نقاط الضعف لديه ونقاط التميز لدى الآخرين، سواء في المهارات المعرفية أو الجسدية، كالذكاء أو القدرة على ممارسة رياضة معينة أو نشاط محدد.
هناك عدد من الدلالات والإشارات التي تلمح إلى أن الطفل نكد وليس حزين، وعلى الأم التقاط تلك الإشارات والتعامل معها وعلاجها قبل أن تصبح جزءا أصيلا من شخصية الطفل.
كيف تتعاملين مع الطفل النكد
ويحدث ذلك الأمر من خلال نقطتين:
تزويد الطفل بالمعلومات عن الأمر أو الموضوع المثار، التي يسمح له بتغيير فكرته عنها ، ومن ثم سيتغير رد فعله ويهدأ سواء أكان حزنا أم فرحا مبالغا فيه.
تدريب الطفل على كيفية التعبير عن المشاعر، ويبدأ ذلك بقيام الأم بتعريفه بأنواع المشاعر المختلفة من خلال الصور مثلا، ثم تحليل تلك المشاعر إلى أن تترسخ في ذهنه ومن ثم يستطيع التعبير عنها، فالحزن مثلا شعور له أسباب وله وسائل للتعامل معه وتجاوزه.
الحوار مع النفس (المونولوج)
هو تدريب جيد للطفل النكد، وعلى الأم مساعدته بشكل عام للتحدث مع نفسه، وإخراج المشاعر والتعبير عنها سواء بالحديث أو الرسم أو الكتابة، ثم مناقشته بما يشعر به وأسبابه وتحليله وكيفية تهدئته.
حين يكون الطفل في ذروة مشاعره السعيدة أو الحزينة لا يرى نفسه جيدا. على الأم نقل تلك الصورة لإبنها حتى لو من خلال تصويره بالكاميرا ثم عرضه عليه ليرى بنفسه المبالغة في رد الفعل، ومن ثم منااقشته وتدريبه على التحكم في التعبير عن المشاعر.
يسعى الطفل النكد في الأساس إلى الحصول على الاهتمام الكامل. على الوالدين تخصيص وقت له والتحدث معها ومناقشته واللعب معه، لكن ينبغي أيضا عدم التدليل الزائد استجابة لفورة مشاعرها لأنه يعلم جيدا أنها من خلال تلك السلوكيات يحصل على ما يريد؛ فالانضباط في قضاء وقت ممتع والتعبير عن تفهم مشاعره يسهمان في تعديل سلوكها.
التخيل والنتائج
يبالغ الطفل النكد على المبالغة في رد فعله من حزن وغضب عند تحطم لعبته مثلا، بل يعد ذلك اليوم أسوأ يوم في الحياة. على الوالدين تدريب الطفل على تخيل الأسوأ، فكونه لن تجد مثل تلك اللعبة مرة أخرى هو أمر محزن لكن "يمكن أن نجد ألعابا أخرى أفضل، أو نحاول صنع لعبة مماثلة"، حينئذ يحدث تصالح مع الأمر السيئ ونتائجه ويقلّ الحزن والتعبير عنه، فيتبدل من كونه "أسوأ يوم في الحياة" إلى أنه "أمر حزين لكن يمكن تخطيه، وسنجد الأفضل".