يأتي الشتاء دائمًا محملاً بالخير والعطاء بـ حبات المطر لأن به تزهر الأرض وتنمو وتغسل السماء من الملوثات، و يمتاز فصل الشتاء بعبقه و روائحه الخاصة التي تحفر في ذاكرة الناس الذين يعيشون التجربة الحقيقة للشتاء.
فرائحة الصنوبر الرائعة ودخان الغابات الرقيق وعبق الثلج المنعش تبقى تجارب رائعة و ذكريات شتوية مذهلة، أما رائحى التُراب المُبلل بعد ليلة ماطرة .. هو الأجمل دائمًا.
إقرأ أيضاً نصائح لقيادة آمنة في الجو الماطر
أحد أسباب ذلك الاختلاف هو أن جزيئات الرائحة تنتقل بسرعة أقل عندما تنخفض درجات الحرارة ما يعني ببساطة أن اليوم الشتوي الجاف يمتاز بكمية روائح أقل منه في أيام الصيف الرطبة. لذلك السبب أيضا تمتاز الأطباق الساخنة بروائح أقوى منها في الباردة.
والسبب الآخر هو أن أنوفنا لا تعمل كالمعتاد عندما نكون في محيط هوائي بارد لأن المستقبلات الحسية تتبع أساليب حماية ضد الهواء الجاف والبارد فتقوم بالغوص في أعماق الأنف.
ويقوم الهواء البارد بتحفيز الخلايا العصبية الحساسة للتهيج التي تجعلك تذرف الدمع عند تقطيع البصل ولذلك عندما تقوم الروائح بتحفيز تلك الخلايا والخلايا الشمية تصبح تجربة الشم أكثر فعالية وروعة.
إقرأ أيضاً عادة شتوية خاطئة لدى الكثير تؤدي للوفاة تعرفوا عليها
المطر في حد ذاته ليس له رائحة لكن انتشار هذه الرائحة في الجو يرتبط ببداية نزوله، وهي تنتج عن تفاعل ماء المطر مع التربة الجافة.
وكان قد وثق العلماء الأستراليون لأول مرة عملية تشكل هذه الرائحة التي أطلقوا عليها اسم "بتريكور" في عام 1964، كما درس علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا آليات العملية خلال السنوات الماضية.
إقرأ أيضاً هل تملك سيارة كهربائية؟ عليك معرفة هذه الأمور مع دخول الشتاء
مصدر هذه الرائحة هو النباتات والبكتيريا، وهي عبارة عن مزيج من المركبات الكيميائية العطرة، بعضها من الزيوت المتأتية من النباتات، لكن مكوناتها الرئيسية تعود إلى البكتيريا الشعباوية (الأكتين وبكتيريا) وهي بكتيريا غير هوائية تعيش في التربة.
ويمكن العثور على هذه الكائنات الدقيقة الصغيرة في المناطق الريفية والحضرية وكذلك في البيئات البحرية، فـ تحلل البكتيريا الشعاوية المواد العضوية الميتة أو المتحللة إلى مركبات كيميائية بسيطة مخصبة للتربة تساهم في نمو النباتات والكائنات الحية الأخرى.
إقرأ أيضاً صوت الرعد هاشتاج يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن
تنتج هذه البكتيريا خلال نشاطها مركباً عضوياً يسمى "جيوسمين"، وهو الذي يعطي رائحة المطر أو البتريكور، وتجعلها تركيبتها الكيميائية المعقدة ملحوظة بشكل خاص لدى البشر حتى عند مستويات منخفضة للغاية، إذ يمكننا استنشاق رائحة الجيوسمين حتى إن كان تركيزها لا يتجاوز أجزاء قليلة في كل تريليون جزء من الهواء.
وخلال فترة طويلة من الجفاف عندما لا تمطر لمدة طويلة يتباطأ معدل نشاط التحلل الذي تقوم به البكتيريا الشعاوية، لكن قبيل هطول المطر مباشرة يصبح الهواء أكثر رطوبة وتبدأ الأرض في التبلل، فـ تساعد هذه العملية على تسريع نشاطها لتنتج كميات أكبر من مركب الجيوسمين.