الحروب والأطفال
كيف تؤثر الحرب على جينات الأطفال وتبطئ نموهم؟ - فيديو
- د. رزان ابو جابر - أخصائية الوراثة الطبية
- دراسة تكشف: الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم
الحرب تترك تأثيرات عميقة على جميع جوانب الحياة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأطفال، فإن تأثيراتها تكون أكثر خطورة. الأبحاث العلمية تشير إلى أن تأثيرات الحرب على الأطفال قد تمتد إلى الجينات، مما يؤثر على نموهم البدني والعقلي. في هذا المقال، سنتناول كيف تؤثر الحرب على جينات الأطفال وتبطئ نموهم، مستعرضين أحدث الأبحاث في هذا المجال وأسباب هذه التأثيرات.
الآثار النفسية للحرب على الأطفال وتداخلها مع جيناتهم
الحرب تُعرّض الأطفال لتجارب نفسية قاسية، مثل العنف، الصدمات النفسية، فقدان الأهل، التهجير، والعنف الجنسي. هذه التجارب تؤثر على بنية الدماغ ونموه، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه الصدمات قد تؤثر أيضًا على الجينات. قد تتسبب الظروف البيئية القاسية في تغيرات جينية تؤثر على الجينات المسؤولة عن التوتر، والمناعة، والالتهابات.
التوتر والهرمونات: عندما يتعرض الأطفال لمواقف شديدة التوتر، ينتج الجسم هرمونات مثل الكورتيزول. هذه الهرمونات يمكن أن تؤدي إلى تغيرات جينية تؤثر على نمو الدماغ. الدراسات أظهرت أن الكورتيزول، في حالات الإجهاد المزمن، يمكن أن يعدل جينات معينة ترتبط بالنمو العصبي ويُبطئ من تطور الأطفال العقلي والعاطفي.
الارتباط بين الجينات والصدمات النفسية: تُظهر الدراسات أن تعرض الأطفال للصدمات النفسية الناتجة عن الحروب يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في بعض الجينات. هذه التغييرات قد تكون مرتبطة بمستوى التفاعل العصبي والقدرة على التكيف مع الإجهاد. بعض الأطفال الذين نشأوا في مناطق الحرب قد يعانون من تغيرات في نشاط جين "FKBP5"، وهو جين مرتبط بتنظيم الاستجابة للتوتر والقلق، مما قد يزيد من خطر تطور اضطرابات نفسية في المستقبل.
التأثيرات السلوكية والجينية على نمو الأطفال
الأطفال الذين يعيشون في مناطق صراع غالبًا ما يواجهون تحديات تنموية، ويظهر ذلك من خلال تراجع نموهم الجسدي والعقلي. يواجه هؤلاء الأطفال صعوبة في النمو الطبيعي نتيجة للظروف البيئية القاسية التي تحيط بهم، بما في ذلك التغذية غير المتوازنة، عدم الحصول على الرعاية الصحية، والإجهاد المستمر.
التغذية ونمو الجينات: النقص في الغذاء والسوء التغذية هما عاملان رئيسيان في تعطيل نمو الأطفال في مناطق الحرب. يتم تأثر الجينات المسؤولة عن النمو البدني بشكل مباشر عندما لا يحصل الأطفال على العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات والفيتامينات. دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن نقص العناصر الغذائية يمكن أن يبطئ من تطور الجينات المسؤولة عن النمو العقلي والبدني للأطفال.
الأمراض المزمنة وتأثيرها على الجينات: بسبب الظروف الصحية السيئة في مناطق الحرب، يعاني العديد من الأطفال من أمراض مزمنة تؤثر على نموهم. المرض المزمن يمكن أن يعطل العمليات الجينية التي تدير النمو الخلوي، مما يؤدي إلى تأخر في النمو البدني والعقلي.
الآثار البيئية للحرب على جينات الأطفال
الحرب تؤدي إلى تغيرات بيئية سلبية قد تؤثر على جينات الأطفال بشكل غير مباشر. تلوث الهواء، تدمير الموارد الطبيعية، وأزمة المياه الصالحة للشرب هي من بين العوامل التي تؤثر على الصحة العامة للأطفال في مناطق الحرب.
التلوث البيئي: المواد الكيميائية السامة الناتجة عن الحرب مثل الغازات السامة والمواد الكيميائية المستخدمة في القنابل يمكن أن تؤدي إلى تغيرات جينية تؤثر على تطور الأطفال. الدراسات الحديثة أظهرت أن الأطفال الذين يتعرضون لهذه المواد في سنواتهم الأولى قد يعانون من خلل في جهاز المناعة والجهاز العصبي.
تدمير البيئة: الحرب تدمر البيئة الطبيعية التي تعتمد عليها الأسرة في الحياة اليومية. فقدان الأراضي الزراعية والمياه النظيفة يؤدي إلى نقص التغذية والماء الصالح للشرب. هذا لا يؤثر فقط على النمو البدني، بل أيضًا يمكن أن يعطل عمليات الجينات المرتبطة بالصحة العامة والتنمية السليمة.
التأثيرات الوراثية طويلة الأمد للحرب على الأجيال القادمة
المثير للقلق هو أن تأثيرات الحرب على جينات الأطفال قد لا تقتصر فقط على الجيل الحالي، بل يمكن أن تستمر إلى الأجيال القادمة. الأبحاث تشير إلى أن التغيرات الجينية التي تحدث نتيجة الصدمات النفسية والبيئية قد تُورث للأجيال القادمة، مما يؤدي إلى مشاكل صحية وسلوكية في الأطفال الذين لم يعيشوا مباشرة في مناطق الصراع.
التوريث الوراثي للصدمات: تعد نظرية "الوراثة المورفولوجية" من بين الجوانب المثيرة للبحث، حيث تشير الدراسات إلى أن الصدمات النفسية والتغيرات الجينية المرتبطة بها يمكن أن تؤثر على الأجيال القادمة. ففي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي التغيرات في الجينات التي تؤثر على التوتر إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض النفسية والجسدية في الأطفال والأحفاد.
كيفية دعم الأطفال في مناطق الحروب
من المهم تقديم الدعم للأطفال المتأثرين بالحروب لمساعدتهم في تجاوز التحديات الصحية والنفسية. توفير بيئة آمنة، الرعاية الصحية الملائمة، التعليم، والأنشطة التي تساعد على تخفيف التوتر تعتبر من العوامل الأساسية لدعم هؤلاء الأطفال وتحسين نوعية حياتهم.
التدخل الطبي والنفسي: تحتاج الأسر في مناطق الحرب إلى تدخلات طبية ونفسية لتقليل تأثيرات الحرب على الأطفال. من خلال برامج الدعم النفسي والتأهيل الاجتماعي، يمكن للأطفال التغلب على آثار الحرب. تقديم الدعم العاطفي والرعاية النفسية يمكن أن يساعد في استعادة بعض من التأثيرات السلبية على جيناتهم وتطويرهم.
نصيحة دُنيا
إن تأثير الحرب على جينات الأطفال ليس مجرد تأثر فوري بل يمتد ليؤثر على نموهم البدني والعقلي على المدى الطويل. ومع تطور الأبحاث في هذا المجال، تظهر أهمية تقديم الدعم النفسي والطبي للأطفال في مناطق النزاع لضمان تمتعهم بنمو صحي وسليم. من الضروري أن نولي اهتمامًا أكبر لهذه القضية لضمان عدم استمرارية هذه التأثيرات السلبية للأجيال القادمة.