نظرة المجتمع للمتعطلين عن العمل وآثارها عليهم

أهم الأخبار

نظرة المجتمع للمتعطلين عن العمل وآثارها عليهم

في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة العاطلين عن العمل، وتصل ل22.8% بحسب دائرة الإحصاءات العامة في الربع الأول من العام الحالي، فإن نظرة المجتمع للعاطلين عن العمل ستلعب دورًا أساسيًا في التأثير عليهم نفسيًا واجتماعيًا بسبب عدم امتلاكهم وظيفة مناسبة.

تقول الأخصائية الاجتماعية فادية إبراهيم أن ظاهرة البطالة ظاهرة عالمية، لكنها تؤثر على فئة الشباب في الأردن تحديدًا باعتبار المجتمع مجتمعًا فتيًا، مليئًا بالخريجين وحاملي الشهادات العاطلين عن العمل.


إقرأ أيضاً السلوك الإجرامي في علم النفس وأسباب الجريمة


فالبطالة هي استعداد للعمل مع القدرة عليه جسديًا وذهنيًا، مع عدم وجود فرصة مناسبة، مما يؤدي لآثار نفسية واجتماعية واقتصادية تؤثر على الأفراد العاطلين عن العمل بشكل مباشر وغير مباشر.

المعاناة النفسية

يعاني الأشخاص غير العاملين نفسيًا أكثر من الأشخاص غير العاملين، فترتفع نسبة الاكتئاب وانعدام تقدير الذات والإحباط والتوتر والأرق بينهم، لعدم وجود وظيفة تساعدهم في التعبير عن ذاتهم وتقديرها بشكل طبيعي، مما يؤدي لأمراض عضوية كالسكر وارتفاع ضغط الدم.

المعاناة الاجتماعية

العنف الأسري

مع عدم وجود فرص للعمل وارتفاع توتر الشخص وتواجده في المنزل، فإن هذا التوتر عادة ما يتم تفريغه في أفراد الأسرة، مما يعني زيادة العنف الاجتماعي في العائلة، لتحول مستلزمات الحياة إلى أعباء غير قابلة للتحقق بسبب عدم توافر المادة، وهذا ما أدى إلى ارتفاع نسب الطلاق في الفترة الأخيرة، وتحديدًا بعد جائحة كورونا.

تعاطي الممنوعات


إقرأ أيضاً التواصل مع الأصدقاء.. حاجة وليس رفاهية


ستمتلك الكثير من الوقت إذا لم تشغله بما هو نافع، فما الذي يفعله العاطل عن العمل؟ إما أن يملأ وقته بتعلم مهارات جديدة، أو أن تملأ وقته الممنوعات والكحول والمخدرات، والذي بدوره سيؤدي لارتفاع الجريمة.

لكن الموروث الثقافي والاجتماعي يشكل عبئًا إضافية على العاطلين عن العمل، ففي مجتمع مثل المجتمع الأردني القائم على حب المجتمع للعمل والوظيفة فقط دون الالتفات للمهن، سيصبح العاطلون مجرد حاملي شهادات ورقية.

ولا بد أن يكون من شؤون العاطلين عن العمل كسر هذه الحلقة المجتمعية، والبدء في مهن وحرف يدوية تدر لهم دخلًا بدلًا من انتظار الوظيفة الحكومية التي اكتفت واشبعت منذ زمن طويل.

ولا ضير أيضًا في تغيير الوظيفة في حال وجدنا أن فيها ركودًا في سوق العمل، لأن المطلوب من العمل أن ينقلنا لوضع مادي واجتماعي أفضل، فإن لم يتحقق ذلك فلا بد من تغيير هذه الوظيفة لأخرى تحقق المطلوب. ولا ضير من البحث عن وظيفة ريادية واستشارة خبراء للحصول على وظيفة مناسبة.


إقرأ أيضاً كيف تغير رأي شخص آخر بمساعدة علم النفس


باعتبار الشباب مكونًا أساسيًا للمجتمع الأردني، فإن مساعدة العاطلين عن العمل واجب مجتمعي يملي على القطاع الحكومي والخاص والمنظمات والجمعيات توفير فرص تدريب وعمل للفئات الباحثة عنه، لأن الأفراد وحدهم غير قادرين على حل المشكلة كليًا كونها مشكلة مجتمعية، يساهم في حلها كل الأطراف.

قتل البطالة قبل نموها

إذا أردنا الحد من انتشار البطالة فلا بد من العمل على جذورها وتجفيفها، وذلك يكون بتغيير الفكرة نحو الحصول على وظيفة باعتبارها منتهى الغايات، وتدريس مناهج تساعد الطلاب على فهم عالم الأعمال، وتدريبهم على عمل مبادرات مدرسية تؤهلهم للبدء مستقبلًا بأعمال تخصهم، واكسابهم شجاعة للخوض في هذا المجال.

حقوق العاطلين عن العمل

بالرغم من وجود بيئات داعمة لفاقد وظيفته أو من لم يحصل على واحدة أصلًا، إلا أن هناك بيئات مؤذية ومحبطة تضغط على العاطل عن العمل باعتبار الأمر شخصيًا وفشلًا منه في الإدارة.
فتضغط بعض الزوجات في مجتمعاتنا القائمة على عمل الأب على الزوج لتوفير مستلزمات لا يستطيع توفيرها بسبب نقص أو انعدام المادة التي تتوفر مع توفر الوظيفة، مع أن الحل الأفضل والذي يعتبر من حقوق العاطلين عن العمل، هو مساعدتهم في تطوير مهاراتهم والبحث عن فرص شاغرة للالتحاق بها من خلال التلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى من خلال الأقارب.